تمهيد إشكالي:
اليابان عبارة عن أرخبيل يمتد على شكل قوس شرق آسيا، تبلغ مساحته 378000 كلم مربعا، ويسكنه حوالي 127,9 مليون نسمة، ويشكل قوة تجارية كبرى على الصعيد العالمي وذلك بفضل ما يتوفر عليه من مؤهلات بشرية وتنظيمية جيدة، ومع ذلك فالبلاد لا تخلو من مشاكل اقتصادية وبيئية واجتماعية.
- فما هي مظاهر القوة التجارية لليابان على الصعيد الدولي؟
- وما هي العوامل المفسرة لها؟
- وما هي المشاكل التي تواجهها؟
I – مظاهر القوة التجارية لليابان ومكانتها العالمية:
تتجلى مكانة اليابان العالمية في هيمنتها القوية على بلدان جنوب شرق آسيا ومنافسة منتجاتها على الصعيد العالمي، وتقديمها لمساعدات مالية لمجموعة من المناطق في العالم، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نذكر ما يلي:
- احتلالها للمرتبة الثالثة من حيث قيمة الناتج الإجمالي الداخلي الخام بما يعادل 5150 مليار دولار ضمن الأقطاب الثلاثة المهيمنة على الاقتصاد العالمي.
- مساهمتها في التجارة الدولية: فهي القوة الاقتصادية الرابعة عالميا، حيث تساهم بنسبة 10,5% من الصادرات، و8,9% من الواردات.
- تعدد شركائها التجاريين: حيث تتعامل مع كل المجموعات الاقتصادية العالمية، وفي مقدمتها رابطة دول جنوب شرق آسيا وأمريكا الشمالية والاتحاد الأوربي، حيث يحقق ميزانها التجاري فائضا لصالحه، فيما يسجل عجزا واضحا مع الصين والشرق الأوسط.
- بنية تجارية قوية: تمثل فيها المواد الصناعية نسبة كبيرة 91,9% من الصادرات، أما الواردات فتتكون أساسا من محروقات ومواد معدنية بنسبة 31,9% والمواد الفلاحية 12,8%، وهو ما جعل ميزانها التجاري يحقق فائضا يقدر ب 80 مليار دولار سنة 2006م.
- اتساع مجال استثماراتها في الخارج حيث بلغت مثلا نسبة 44% في أمريكا الشمالية و19% في الاتحاد الأوربي و17% في الصين.
II – العوامل المفسرة للقوة التجارية اليابانية:
1 – العوامل الجغرافية والخدماتية:
- الاستفادة من موقع البلاد في شرق آسيا.
- انفتاحها على العالم من خلال مجموعة من المحيطات والبحار (المحيط الهادي، وبحر اليابان، وبحر الصين).
- مجاورتها لأكبر تجمع سكاني في العالم (آسيا).
- التوسع على حساب البحر.
- التوفر على موانئ كبرى تتركز على امتداد الساحلين الجنوبي والشرقي (طوكيو، يوكوهاما، ناكويا، كوبي).
2 – العوامل التنظيمية والبشرية:
اعتماد نظام رأسمالي يخول للدولة والمقاولات العمل على تطوير الاقتصاد، ويتضح ذلك من خلال:
- دور الدولة: تقديم المساعدات والمعلومات للمقاولات، تشجيع البحث العلمي من أجل تنمية الصناعة والتجارة (تخصيص 3% من الناتج الوطني الإجمالي للبحث العلمي)، لكي تتكيف المقاولات مع التطورات التي يعرفها القطاعين، تشجيع التصدير.
- دور السوكوسوشا (Sogososha): وهي مؤسسات كبرى تشرف على كل مراحل الدورة الاقتصادية، بدءا من توفير المواد الأولية ومنح القروض للمقاولات، وتصنيع المواد، وتسويق المنتجات الصناعية، والبحث عن المعلومات المتعلقة بالأسواق والمستجدات التقنية.
- دور السكان: التوفر على كثافة سكانية مهمة 127,9 مليون نسمة، تمثل فيها الفئة القادرة على العمل 66,7%، يشتغل منها 69,6% في القطاع الثالث، إضافة إلى ما يميزها من خصال الانضباط والتأهيل وحب العمل والتفاني فيه.
3 – القوة الصناعية أهم أسس القوة التجارية:
دور التنظيم الاقتصادي الرأسمالي الذي يسمح للدولة القيام بـ :
- توجيه المقاولات الصناعية ودعمها ماليا، وتشجيع البحث العلمي، والتحديث التكنولوجي.
- تكوين مؤسسات صناعية ضخمة (Zaibatsu): حيث تشرف على كل مراحل الإنتاج حتى التسويق، وتستثمر في قطاعات متعددة منها سونيSONY (الالكترونيك)، وميتسوبيشي MITSUBISHI (السيارات).
- إنشاء فروع للمقاولات خارج اليابان: بهدف البحث عن أسواق جديدة، والتخفيض من تكلفة الإنتاج، والحفاظ على القدرة التنافسية لليابان.
III – مظاهر وعوامل القوة الصناعية لليابان كأحد أهم أسس قوتها التجارية:
1 – مظاهر القوة الصناعية لليابان وأهم خصائصها:
تترجم قوة النشاط التجاري لليابان في قوة صناعتها، ومن المؤشرات الدالة على ذلك ما يلي:
- تفوق صناعة السيارات والصناعة الالكترونية، حيث بنت عنهما اليابان جزءا كبيرا من قوتها الحالية، إذ اختارت السيارات كواحد من القطاعين ذوي الأولوية في سياستها الصناعية الوطنية بفضل إنتاجها المتطور الذي بلغ سنة 2005م أزيد من 10 ملايين وحدة (المرتبة الأولى عالميا)، إلى جانب الصناعة الالكترونية التي تفوقت على السيارات بفضل رقم معاملاتها وعدد مناصب الشغل التي توفرها.
- تركز المركبات الصناعية على السواحل الجنوبية للمحيط الهادئ (طوكيو، يوكوهاما، ناكويا، أوزاكا كوبي)، والذي يشكل محورا أساسيا للأنشطة الصناعية الثقيلة من مركبات حرارية ومصافي للنفط ومعامل للتكرير والصناعة البيتروكيماوية وصناعة السيارات.
- احتلال الشركات اليابانية مراتب متقدمة في إنتاج السيارات كشركة طويوطا TOYOTA.
- التوفر على أسطول تجاري يعد من بين أضخم الأساطيل العالمية بفضل استفادتها من التوسع على حساب البحر، ومن توفر البلاد على موانئ كبرى تتركز أساسا على طول الساحلين الجنوبي والشرقي.
2 – العوامل المفسرة للقوة الصناعية اليابانية:
أ – العوامل التنظيمية:
وتتجلى من خلال:
- دور التنظيم الرأسمالي: حيث تتميز المقاولات اليابانية بإتباعها نهج الليبرالية الجديدة، حيث تركزت في شكل عمودي (الزايباتسو) للإشراف على مراحل الإنتاج من مواد أولية وعمال ومصانع وتسويق، وتستثمر في قطاعات متعددة أهمها السيارات MITSUBISHI والالكترونيك NEC.
- دور الدولة: حيث تعمل على تقديم الدعم المالي للمقاولات، ومنحها امتيازات ضريبية، إضافة إلى التوجيه والنصح والإرشاد.
- دور الدولة في تشجيع البحث العلمي: ويتجسد من خلال نسج علاقة متينة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي والصناعي بتخصيصها لنسبة 3% من الدخل الوطني الخام للبحث من أجل التنمية.
ب – العوامل البشرية:
- توفر البلاد على طاقات بشرية مهمة قوامها أزيد من 80 مليون نسمة، تتميز بالتأهيل المهني الجيد والانضباط والتفاني في العمل.
IV – المشاكل والتحديات التي تواجه التجارة الخارجية لليابان:
- الارتباط بالخارج، والمنافسة الأجنبية، والتأثر بالأزمات الدولية.
- استيراد مصادر الطاقة (85,5%) أو المواد الفلاحية (54%).
- تسويق المنتجات الصناعية حيث تتأثر بتقلبات الأسواق العالمية كما حدث سنة 2004م، أو ارتفاع أسعار البترول واضطراب السوق الأمريكية.
- منافسة القطبين الاقتصاديين العالميين (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي).
- منافسة القوى الاقتصادية الصاعدة (الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ وسنغفورة “التنينات الأربع”).
- اضطراب السوق المالية يؤثر سلبا على تجارة اليابان، كما حدث في آسيا سنة 1997م نتيجة أزمة أبناك وبورصات آسيا، وأيضا انهيار السوق المالية الأمريكية سنة 2008م.
- ارتفاع سعر الين: حيث أن فائض الميزان التجاري يؤدي إلى ارتفاع قيمة الين مقارنة مع العملات الدولية الأخرى مما يؤثر سلبا على الصادرات اليابانية، حيث يؤدي إلى تراجعها.
خاتمة:
استطاع اليابان إلى حد كبير التغلب على التحديات التي تعترض اقتصاده عن طريق استثماره الجيد لمؤهلاته التنظيمية والبشرية ليصبح بالتالي قوة كبرى تهيمن على التجارة العالمية.
بالتوفيق