تحضيرالنص المسترسل لم تعد تنتسب إلى عالمي ( الأولى إعدادي)
المجال: الحضارة.
المكون: النصوص المسترسلة.
العنوان: الحمد لله على السلامة.
الكتاب المدرسي: المفيد في اللغة العربية.
نص الانطلاق:
– بعد قليل سأواجه مصيري المحتوم.
كان يريد أن يموت، حين يموت، بعد أن يشبع من الحياة، كان مايزال صغيرا، وكانت هناك عشرات الأبواب لم يجربها بعد، وهو لا يريد أيضا أن يذهب في موت مجانی، بلا استعداد ولا مقدمات، ومن غير أن يترك وصية ما بعده ..
وبدأ يرتعش، حين علا الصوت المطمئن يعلن أن طائرة « البوينغ » ستقلع بعد قليل ..
كان مرتبكا. هو يعرف طائرات « آلبوينغ » هذه، إنها ضربت الرقم القياسي في الحوادث، وراح يتخيل صحف العالم تنشر بخط عريض : « احتراق طائرة « بوينغ»، الحادث يخلف 98 قتيلا »، والدم يهرب منه وهو يتحامل على نفسه ليقف، ثم ليأخذ طريقه في ارتباك ظاهر، إلى الباب، وإلى الطائرة .
المضيفة تبتسم ، ولكن ذلك لا يبعث على الاطمئنان، كلهن یبتسمن هكذا، بثقة بلهاء وهو لا يصدقهن:
– أعرف أن هذا كفني …
2 – وامتدت عيناه في جولة سريعة بالطائرة الكبيرة، وحين أخذ مقعده في النهاية، سارعت يداه إلى الحزام الجلدي لمجرد الإحساس بالأمان.
وكما تعود، تحركت شفتاه تلقائيا بالشهادتين، وبعض الآيات. كان يظن، في بعض اللحظات السريعة، أنه يمتلئ بالهواجس فقط، وأن الطائرة ستصل بعد خمس ساعات من غير أن يحدث حدث، ومن غير أن تجد صحف العالم خبرا تنشره بحروفها الغليظة، وأحسن رغبة جارفة في البكاء، إنه سيموت، تمنی لو وجد الشجاعة ليعود إلى الأرض، وليعلن لجميع الركاب أنهم ميتون هنا، داخل هذه الطائرة : هذا الكفن الطويل كالقطار، ترى من أين تأتيه هذه الشجاعة؟
سيموتون إذا بعد لحظات، أو خمس ساعات، إنه متأكد من ذلك .. وحين مرت أمامه المضيفة الجميلة، رأى وراء ابتسامتها التقليدية شحوبا غير عادي :
– هل تراها تعرف؟
3 – صمت .. الطائرة تتحرك، والأضواء تعلن: اربطوا أحزمتكم، لا تدخنوا، وعاد يتمتم بالشهادتين، في حين كانت يداه تلتقطان حلوی قدمتها المضيفة:
– الحلوى لننسی مرارة المصير..
وكانت الطائرة قد تحركت، وبدأت ترتفع عن الأرض، سوف تعود إليها بعد قليل. إن السماء عامرة بالسحاب، والحلوى تذوب بين لسانه، وهو يحس أن حياته تذوب سريعة كهذه الحلوى، والطائرة ترتفع، ترتفع بهوادة وبهدوء، وبثقة، ثم ينطلق الصوت: الربان يرحب بكم، سنرتفع 8 آلاف قدم .. السرعة .. تصل … الكلمات تختلط في ذهنه، وعيناه مغمضتان من الفزع : الآن ستقع .. الآن .. الآن ..
وتمضي اللحظات من غير أن يحدث شيء، كل شيء على ما يرام، الطائرة تسير سيرا مریحا، الريح رخوة، وأضواء المدينة، حين فتح عينيه، كانت تتواری:
لن أركب طائرة بعد اليوم.. إنها تقصير للمسافة حقا، بسرعة تصل إلى بلدك، أو إلى أي بلد، وبسرعة أيضا تصل من الدنيا إلى الآخرة..
عاودته الشجاعة بشكل مفاجئ:
– أنا لا أخاف الموت.. ولكني غير مستعد لها فقط.. أعماقه تضحك منه.
4- و.. و.. مضت خمس ساعات تقريبا، كان قد تناول إفطار الصباح، وقام مرتين من مقعده، وقرأ بحثا في جريدته. كان الضوء يعلن من جديد: اربطوا أحزمتكم، لا تدخنوا .. أحس رعشة، «البوينغ» ستنزل، قرأ الشهادتين، قرأ آيات القرآن، وأغمض عينيه في وعد أن يصلي كثيرا لله حين يصل، وأن يقوم بكل أنواع الخير التي لم يكن يهتم لها قبل، وفي قلبه خفقة سريعة عامة بالرعب.
الاهتزاز الخفيف للطائرة يهز جسمه الرقيق، والآيات تختلط على طرف لسانه، وعيناه مغمضتان مرتعشتان، ثم يد تحركه:
– الحمد لله على السلامة .. لقد وصلنا ..
كان لا يستطيع أن يجيب ..
« الممكن من المستحيل»
بتصرف
أولا: تأطير النص:
هو الأديب والطبيب والصحافي المغربي عبد الجبار السحيمي، من مواليد مدينة الرباط سنة 1938م، عمل رئيس تجرير لجريدة “العلم” الناطقة باسم حزب الاستقلال، توفي سنة 2012.
من مؤلفاته
- مولاي. قصة
- الممكن من المستحيل.
- السيف والوردة.
النص المسترسل “الحمد لله على السلامة” مقتطف من قصة بعنوان “الممكن من المستحيل”
ثانيا: ملاحظة النص:
1- ملاحظة: اعتمادا على التوجيهات التربوية لمادة اللغة العربية الصادرة من مديرية المناهج سنة 2009 فإن مرحلة “ملاحظة النص في النصوص المسترسلة، يتم حذفها لصالح مرحلة الفهم وقراءة النص.
ثالثا: فهم النص:
- المحتوم: لابد منه.
- يتحامل على نفسه: يجبر نفسه على الشيء.
- الهواجس: جمع هاجس، وهو الفكرة السلبية التي تتسط على الذهن فتمنعه من التفكير في أي موضوع آخر.
- انتظار إقلاع طائرة البوينغ في رعب شديد بسبب كثرة حوادث الطيران.
- فشل المسافر في طمأنة نفسه وخوفه من الموت في الطائرة
- تزايد رعب المسافر بعدما بدأت الطائرة في الإقلاع
- استمرار صدمة المسافر بعد وصوله إلى الأرض
رابعا: تحليل نص “الحمد لله على السلامة” :
الشخصية
|
صفاتها
|
المسافر
|
خائف، مرتعب، يفكر في الموت
|
المضيفة
|
دائمة الابتسام
|
الفضاء الزماني
|
الفضاء المكاني
|
القاعة الكبرى- الطائرة…..
|
خمس ساعات- ……
|
3- أساليب النص:
- كان قد تناول إفطار الصباح، وقام مرتين من مقعده، وقرأ بحثا في جريدته. كان الضوء يعلن من جديد: اربطوا أحزمتكم، لا تدخنوا .. أحس رعشة، «البوينغ» ستنزل، قرأ الشهادتين، قرأ آيات القرآن، وأغمض عينيه
- الموت يصبغ شفتيه. الناس في القاعة الكبيرة يجلسون بلا مبالاة، بعضهم يغرس رأسه في جريدة أو كتاب، وبعضهم يتمصص عصير الليمون البارد. هو وحده يجلس جامدا، بلا حركة، وقد هربت من وجهه قطرات الدم:
ج- الحوار: نلاحظ أن الحوار يحضر في النص بنوعيه:
- الحوار الخارجي:
هو الذي يجمع بين شيخصيتين أو أكثر، ومثاله في النص:
– الحمد لله على السلامة… لقد وصلنا..
- الحوار الداخلي (المونولوج):
هو الذي يكون بين الشيخصية ونفسها، وأمثلته في النص كثيرة:
– الحلوى لننسى مرارة المصير
4- الوضعية التواصلية للنص:
المرسل
|
الرسالة
|
المرسل إليه
|
الكاتب
|
لقد سهلت الآلات الحديثة حياة الإنسان، لكن جانب الخطورة فيها لا يزال يقلق راحته..
|
القارئ
|
خامسا: تركيب نص “الحمد لله على السلامة”
وفي اللحظات الأولى لانطلاق الطائرة تزايد رعبه، وانتظر طويلا سقوطها، لكن ذلك لم يحدث، وسارت بأمان لساعات استعاد صاحبنا خلالها رباطة جأشه للحظات قبل لأن يعاوده رغبه عندما شارفت الطائرة على الهبوط، ليغمض عينيه ولا يفتحها إلا وقد حطت الطائرة بآمان.
ويشير النص إلى أن التطور الكبير الذي عرفته وسائل النقل لا ينفي جانب الخطورة المحتمل من استخدامها.