مدخل تمهيدي:
یولد الإنسان مفطورا على حب الخیر وأهله، غیر أن فطرته قد تتأثر سلبا بسبب تدخل أطراف منحرفة، تخرجها عن سواء السبیل.
- فماذا تعرف عن الفطرة البشریة؟
- وكیف تتم المحافظة عليها؟
النصوص المؤطرة للدرس:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ۩إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
[سورة الشعراء، الآية: 89]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
[صحيح مسلم]
I – دراسة النصوص وقراءتها:
1 – توثيق النصوص:
أ – التعريف بسورة الشعراء:
سورة الشعراء: مكية ما عدا الآية 197، ومن الآية 224 إلى آخر السورة فهي مدنية، عدد آياتها 227 آية، ترتيبها 26 في المصحف الشريف، عالجت أصول الدين من التوحيد والرسالة والبعث شأنها شأن سائر السور المكية التي تهتم بجانب العقيدة وأصول الإيمان، سميت بهذا الاسم لأن الله تعالى ذكر فيها أخبار الشعراء، وذلك للرد على المشركين في زعمهم أن النبي محمد ﷺ كان شاعرا، وأن ما جاء به من قبيل الشعر.
ب – التعريف بأبي هريرة:
أبو هريرة: هو عبد الرّحمن بن صخر الدوسي، ولد في مدينة الحجاز في عام 19 قبل الهجرة، كان اسمه عبد شمس أبو الأسود في الجاهلية، اعتنق الإسلام بينما كان يبلغ من العمر 16 عاما، وقد سماه الرسول ﷺ عامراً، لُقّب بأبي هريرة، أسلم وشهد غزوة خيبر مع الرسول ﷺ، كما صحبه حوالي أربع سنوات، ويعد معجزة من معجزات النبوة، لهذا كان من أكثر الصحابة روايةً للحديث، كان أبو هريرة تقيّاً ورعاً، لم يكن يرد الإساءة بالإساءة، تُوفي بعد وفاة الرسول ﷺ بــ 47 عاما، حيث أخذ الله أمانته في عام 57 هـ، وقد كان يبلغ من العمر ما يقارب 78 عاما.
ب – التعريف بصحيح مسلم:
صحيح مسلم: كتاب للإمام مسلم بن الحجاج، هو أحد أهم كتب الحديث النبوي عند أهل السنة والجماعة، ويعتبر ثالث أصحّ الكتب على الإطلاق بعد القرآن الكريم، ثمّ صحيح البخاري، ويعتبر كتاب «صحيح مسلم» أحد كتب الجوامع، وهي ما تحتوي على جميع أبواب الحديث، من عقائد وأحكام وآداب وتفسير وتاريخ ومناقب ورقاق وغيرها، جمعه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، وتوخّى فيه ألا يروي إلا الأحاديث الصحيحية التي أجمع عليها العلماء والمحدّثون، فاقتصر على رواية الأحاديث المرفوعة، وتجنّب رواية المعلّقات والموقوفات وأقوال العلماء وآرائهم الفقهية، إلا ما ندر، أخذ في جمعه وتصنيفه قرابة الخمس عشرة سنة، وجمع فيه أكثر من ثلاثة آلاف حديث بغير المكرر، وانتقاها من ثلاثمائة ألف حديث من محفوظاته.
II – فهم النصوص:
1 – المعاني الأساسية للنصوص:
- نقاء القلب من النفاق والكفر سلوك ينفع الإنسان يوم لقاء الله.
- طهارة القلب والعمل الصالح، محل نظر ومحبة الله تعالى إلى عبده.
تحليل محاور الدرس ومناقشتها:
I – مفهوم جمال الباطن والفطرة:
1 – مفهوم جمال الباطن:
جمال الباطن: هو طهارة القلب من المفاسد الأخلاقیة والاجتماعیة والنفسیة.
2 – مفهوم الفطرة:
الفطرة: الفطرة هي الخلقة التي يُخْلَقُ عليها كل مولود في رحم أمه، وهي كذلك الصفة التي يتصف بها كل موجود في أول خِلْقَتِهِ، إذ يُفْطَرُ الإنسان سليما مسلما يحب الله تعالى ويحب الخير والجمال، ويكره الكفر ويبغض الشر والظلم، قبل أن تتدخل أیدي المربین والمنشئین لتوجهه، فیمكن أن تجعل منه يهودیا أو نصرانیا أو مجوسیا.
II – المحافظة على الفطرة وحكمها في الإسلام:
1 – وسائل المحافظة على الفطرة:
للمحافظة على فطرة المسلم، ينبغي:
- تقوية الإيمان الله وحسن الخلُقِ.
- إخلاص النية والعبادة والعمل لله تعالى.
- تطهير القلب وصلاح العمل.
- التحلي بالفضائل الكریمة.
- التعامل بشرع الله.
- تزكیة النفوس وتطهيرها من الذنوب والمعاصي …
2 – حكم تجمیل الباطن وتفضیله على الظاهر:
حثنا الرسول ﷺ على تقدیم جمال الباطن على الظاهر، حیث قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»، فوجب أن نحفظ فطرنا وأن نقيها من الانحراف بتقوى الله والعمل الصالح …، فنحن مسئولون ومحاسبون عنها یوم القیامة.
III – ضياع جمال الباطن بفساد الفطرة:
يولد الإنسان على فطرة سليمة، خالية من كل السلبيات والنواقص، وهي على استعداد لفعل الخير، وحب الناس، إلا أن تنشئة الفرد في وسط أسري واجتماعي منحرف يؤدي إلى فساده وانحرافه عن الفطرة السليمة، ويمكن أن نجمل عوامل ضياع الفطرة السليمة في:
- العقيدة الفاسدة: كل عقيدة تخالف عقيدة الإسلام الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تعد من العقائد الفاسدة، قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
- استباحة المعاصي: فالنفس البشرية عندما تتعود على شيء يصعب مع مرور الزمان التخلي عنه، وبالتالي فاستباحة المعاصي (ترك الصلاة والكذب، وظلم الناس، والغش في الامتحان …)، تفسد فطرة الإنسان التي فطره الله عليها.
- الرفقة السيئة: وهي من الأمور التي تفسد الفطرة، يقول الرسول ﷺ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ».
- التقليد الأعمى: وهو سلوك يفقد الإنسان شخصيته ويجعله تابع لغيره دون تفكير، مما قد يوقعه في أخطاء وذنوب كثيرة.
بالتوفيق