مقدمة
بعد أن بلغت الامبراطورية العثمانية أقصى امتداد لها، بدأت مظاهر الضعف تظهر منذ القرن 16م، ولم تستطع الإصلاحات إنقاذها من الانهيار.
- فما هي أسباب انهيار الامبراطورية العثمانية؟
- وما هي انعكاسات هذا الانهيار على المشرق العربي؟
І – تعدد أسباب انهيار الامبراطورية العثمانية:
1 – الأسباب السياسية والعسكرية:
فقدت الامبراطورية العثمانية المقومات التي بنت على أساسها امبراطوريتها الواسعة، إذ أخذت بوادر الضعف تظهر عليها منذ أواخر القرن 16م، حيث تعرضت لهزائم عسكرية كثيرة، ففرضت عليها مجموعة من المعاهدات، فتفسخت دعائم الدولة، حيث فقدت أسس قوتها المتمثلة في التنظيم الإداري والعسكري بعد ضعف سلطة الباب العالي، كما تحول الجيش من مصدر قوة إلى أحد عناصر الضعف بتدخله في السياسة وعجز الدولة عن دفع رواتبه.
2 – الأسباب الاقتصادية:
انهار الاقتصاد العثماني بعد تضرر الفلاحة التي أهملها الفلاحون بسبب ثقل الضرائب، كما تدهور النشاط الحرفي لصعوبة تسويق منتجاته بفعل منافسة الصناعات الأوربية، وساهم في هذا الانهيار تراجع محاور التجارة البعيدة المدى عن الدولة العثمانية، كما أدت كثرة الديون المتراكمة على الامبراطورية إلى إنشاء صندوق الدين العثماني سنة 1881م، الذي وضع أغلب موارد الامبراطورية تحت وصاية الدول الأوربية الدائنة.
II – التنافس الأوربي والتدخل الاستعماري بالمشرق العربي:
1 – تفكك الوحدة الترابية للامبراطورية العثمانية:
تصدعت الامبراطورية العثمانية بفعل انهزاماتها المتتالية، حيث انتقلت من التوسع الترابي إلى التخلي عن أجزاء هامة من أراضيها سواء بأوربا أو إفريقيا أو بالمشرق العربي، حيث ظهرت عدة حركات انفصالية تطالب بالاستقلال، وهكذا اقتطعت النمسا والدول المتحالفة معها أجزاء من الممتلكات العثمانية بأوربا بمقتضى”اتفاقية كارلوفيتز” سنة 1694م، كما تمكنت روسيا من الاستيلاء على شبه جزيرة القرم والساحل الشمالي للبحر الأسود، ومع بداية القرن 19م اشتد التنافس الأوربي حول أراضي الامبراطورية، فاستخدمت فرنسا وبريطانيا الطرق الديبلوماسية والعسكرية للتوغل داخلها والحصول على عدة امتيازات.
2 – التدخل الاستعماري بالمشرق العربي:
تعددت أساليب التدخل الاستعماري بالمشرق العربي، ففي الميدان الاقتصادي أغرقت أوربا الدولة العثمانية بالديون وحصلت على امتيازات تجارية، أما في الميدان الديني فعملت على إرسال البعثات التبشيرية، كما تدخلت سياسيا في شؤون الحكم بعزل أو تعيين الحكام بالمناطق العربية، وخلال الحرب العالمية الأولى تبادلت بريطانيا سلسلة من المراسلات مع الشريف حسين أمير الحجاز لتحقيق تعاون عربي مع الحلفاء، وانتهت المفاوضات بالاتفاق على إعلان العرب الثورة الكبرى ضد الأتراك مقابل مساعدتهم والاعتراف باستقلالهم عند نهاية الحرب، كما ساهمت ثورة العرب في انهزام العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وأرغمتهم على الاستسلام، إلا أن الوعود التي قدمتها بريطانيا للشريف حسين كانت مناقضة لما كانت تخططه لمستقبل المشرق العربي، إذ أبرمت عدة اتفاقيات سرية مع فرنسا لتوزيع مناطق النفوذ بين الحلفاء، من أهمها: “اتفاقية سايكس – بيكو” (ابريل 1916)، كما أنها قدمت للحركة الصهيونية “وعد بلفور” سنة 1917م.
خاتمة:
ساهمت مجموعة من العوامل في انهيار الامبراطورية العثمانية، فسقطت مجموعة من الدول العربية تحت الاستعمار الأوربي.