درس أثر القرآن في تزكية النفس للسنة الثالثة إعدادي


وضعية الانطلاق:

يحكى أن قاطع طريق تسلق جدار بيت ليسرق مال صاحبه، فسمع قارئا يتلو قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾، فخشع قلبه، وقال: بلى يا رب، آن أوان خشيتي وتوبتي، فترك المال وغادر البيت ولحق بقافلة، وأمضى حياته في فعل الخير وعبادة الله وطاعته إلى أن لقي الله تعالى وهو على حال توبته.

  • فما الذي فعله القرآن الكريم في نفس قاطع الطريق؟
  • وما الذي قرر فعله بعد سماعه لللآية؟

أنشطة القراءة:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

[سورة الحشر، الآية: 21]

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ۩ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

[سورة الحديد، الآيتان: 15 – 16]

عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِي رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ، أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ».

[رواه الشيخان]

توثيق النصوص:

أ – التعريف بسورة الحشر:

سورة الحشر: مدنية، عدد آياتها 24 آية، ترتيبها 59 في المصحف الشريف، نزلت بعد «سورة البينة»، سميت بهذا الاسم لأن الله الذي حشر اليهود وجمعهم خارج المدينة هو الذي سيحشر الناس ويجمعهم يوم القيامة للحساب، تعنى هذه السورة الكريمة بجانب التشريع شأنها شأن سائر السور المدنية.

ب – التعريف بسورة الحديد:

سورة الحديد: مدنية، عدد آياتها 28 آية، ترتيبها 75 في القران الكريم، سميت بهذا الاسم لذكر الحديد فيها، فهو قوة الإنسان في الحرب والسلم وعدته في العمران والبنيان، اهتمت السورة الكريمة بالتشريع والتربية وبناء المجتمع الإسلامي على أساس العقيدة الصحيحة والتشريع الحكيم والخلق الكريم.

ج – التعريف بأبي موسى الأشعري:

أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس بن سليم، المكني أبي موسى الأشعري، صحابي جليل، وُلد في اليمن، وجاء إلى مكة قبل ظهور الإسلام، واشتهر بالتجارة وحُسن المعاملة، ولما ظهر الإسلام أسرع ليعلن إسلامه بين يدي رسول الله ﷺ، ثم طلب من النبي الكريم أن يرجع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم أمور الدين الحنيف، فأذن له، فذهب إلى قومه وأخذ يدعوهم إلى الإسلام، فاستجاب له كثيرون من بينهم شقيقاه وأمه، وهاجر بهم جميعاً إلى الحبشة، توفي بالكوفة في خلافة معاوية سنة اثنتين وأربعين للهجرة.

قاموس المفاهيم الأساسية:

  • خاشعا: ذليلا خاضعا.
  • متصدعا: متشققا.
  • الكلأ: النبات الرطب واليابس.
  • أجاذب: الأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء.
  • قيعان: الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت.
  • فقه: الفهم.
  • من لم يرفع بذلك رأسا: من سمعه ولم يحفظه ولم يعمل به ولم يبلغه للناس.

المضامين الأساسية للنصوص:

  • تصدع الجبل وخشوعه لما نزل القرآن عليه دليل واضح لقدرة القرآن على التأثير في النفوس الحية.
  • تحذير الله تعالى عباده من قسوة القلوب الناتجة عن الغفلة عن ذكره والبعد عن العمل بكتابه.
  • تشبيه النبي ﷺ اختلاف السامعين للقرآن والانتفاع به باختلاف الأرض التي ينزل بها الغيث.

تحليل محاور الدرس ومناقشتها:

I – تعريف القرآن الكريم ووسائل تدبره:

1 – تعريف القرآن الكريم:

القرآن الكريم: هو كلام الله تعالى المنزل على محمد ﷺ بلسان عربي مبين بواسطة جبريل عليه السلام، المتعبد بتلاوته، المعجز بلفظه، المبتدئ بسورة «الفاتحة» والمنتهي بسورة »الناس، المنقول إلينا بالتواتر، وقد أنزله الله تعالى ليكون هداية للناس ومنهاجا لتنظيم شؤون حياتهم، وإقامة العدل بين الناس وإصلاح الفرد والمجتمع.

2 – وسائل تدبر القرآن الكريم:

التدبر: هو التأمل في آياته وفهم معانيها للتأثر والعمل بها وتحقيق تزكية النفس وطهارتها، ومن وسائل تدبره:

  • المداومة على تلاوته مع التزام آدابها من طهارة وحضور القلب وإعمال الفكر للوصول إلى أسراره ومقاصده.
  • عدم الإصرار على المعاصي والذنوب لأنها سبب لاستثقال كلام الله والنفور منه.
  • اختيار أوقات صفاء الذهن والقلب من شواغل الدنيا كجوف الليل وعند الفجر.
  • استشعار القارئ أنه هو المخاطب بأوامر القرآن الكريم ونواهيه للعمل به.
  • تكرار الآية والتجاوب معها لما في ذلك من تقرير للمعاني في النفس وطمأنة للقلب.
  • الاستعانة بتفاسير العلماء لفهم المعاني لتيسير تدبرها.

II – أثر تدبر القرآن الكريم في تزكية النفس وتهذيبها:

1 – مفهوم تزكية النفس:

تزكية النفس: هي تطهيرها من الأدران والأوساخ وتنميتها بالإيمان، وعلى هذا المعنى جاءت الآيات القرآنية بالأمر بتزكية النفس وتهذيبها، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾، وقال أيضا: ﴿وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾، وتنقسم تزكية النفس إلى قسمين رئيسين، هما: التخلية، والتحلية، فالتخلية: يقصد بها تطهير النفس من أمراضها وأخلاقها الرذيلة، مثل: الرياء، الحسد، البخل، الغضب، الكبر …، وأما التحلية: تربية النفس على الأخلاق الفاضلة، مثل: التوحيد والإخلاص والصبر، والتوكل والإنابة، والتوبة، والشكر، والخوف والرجاء، وحب الخير للغير …، وإحلالها محل الأخلاق الرذيلة بعد أن خلت منها.

2 – أثر تدبر القرآن في تزكية النفس وتهذيبها:

تدبر القرآن، هو جلاء للقلوب، وإذا صفى القلب زكت النفس، ففي الحديث قال رسول الله ﷺ: «الْقُلُوبَ تَصْدَأُ، كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ إِذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا جِلاؤُهَا؟ قَالَ: «كَثْرَةُ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ»، وأثر التدبر على النفس يتجلى في:

  • التطهر من مساوئ الأخلاق والرذائل والتحلي بمكارم الأخلاق والفضائل الحميدة.
  • الطمأنينة القلبية وراحة النفس وسكينتها وتوازنها مصداقا لقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
  • التقرب من الله تعالى والوصول إلى مصاف الصالحين المصلحين النافعين لأنفسهم ولغيرهم المسارعين في الخيرات.

بالتوفيق



موقع المفيد التربوي

المفيد رفيقكم نحو النجاح، ستجدون جميع الدروس لجميع المستويات والمسالك بالإضافة الى نماذج الفروض والامتحانات المحلية والجهوية والوطنية